رائد السمي

نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في المملكة العربية السعودية

نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في المملكة العربية السعودية

نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في المملكة العربية السعودية
نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في المملكة العربية السعودية
نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في المملكة العربية السعودية

إطار قانوني شامل لحماية الأمن الوطني والدولي

أولاً: شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا تشريعيًا ملحوظًا في مجال مكافحة الإرهاب، إدراكًا منها لخطورة هذه الظاهرة على الأمن القومي والسلم المجتمعي، وحرصًا على الوفاء بالتزاماتها الدولية في مكافحة الجريمة المنظمة. فقد اتخذت المملكة إجراءات تشريعية ومؤسسية صارمة، أبرزها إصدار نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله بموجب المرسوم الملكي رقم (م/21) بتاريخ 12/2/1439هـ، الذي حل محل النظام السابق، بهدف تعزيز البنية القانونية المتخصصة لمكافحة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله.

ثانيًا: البُعد الدولي والوطني لجهود مكافحة الإرهاب

على الصعيد الدولي:

توقيع عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله.

الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش.

تأسيس مبادرات لمكافحة الفكر المتطرف، أبرزها:

المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال).

مركز الحرب الفكرية (فكر).

على الصعيد الوطني:

إصدار نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله كتشريع خاص.

تخصيص المحكمة الجزائية المتخصصة للنظر في هذه القضايا.

تمكين رئاسة أمن الدولة من مهام الضبط والتحري والمتابعة الجنائية.

ثالثًا: تعريفات النظام ونطاق تطبيقه

تعريف الجريمة الإرهابية (م1):

هي كل سلوك يُرتكب تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يقصد به الإخلال بالنظام العام أو زعزعة الأمن أو تعريض وحدة الدولة للخطر أو إرغام سلطة من سلطات الدولة على القيام بفعل أو الامتناع عنه.

تعريف تمويل الإرهاب (م1):

كل فعل يتم من خلاله توفير أموال مباشرة أو غير مباشرة لارتكاب جريمة إرهابية أو دعم كيان إرهابي، بما يشمل تمويل السفر والتدريب.

نطاق التطبيق (م3):

يشمل النظام كل من ارتكب، أو شرع، أو حرّض، أو ساعد، أو موّل جريمة إرهابية، سواء كان سعوديًا أو أجنبيًا، داخل المملكة أو خارجها، متى لم يُحاكم على الفعل من جهة أجنبية.

رابعًا: تصنيف الجرائم الإرهابية والعقوبات المقررة

يشمل النظام سبع فئات رئيسية من الجرائم، مع عقوبات صارمة تتناسب مع جسامة الأفعال:

نوع الجريمة

المادة

العقوبة

حمل سلاح أو متفجرات لتنفيذ جريمة

م31

سجن من 10 إلى 30 سنة

إنشاء كيان إرهابي

م32

سجن من 15 إلى 25 سنة (تُشدّد إلى 30 سنة للعسكريين)

الانضمام إلى كيان إرهابي

م33

سجن من 3 إلى 20 سنة (تُشدّد إلى 30 سنة للعسكريين)

تأييد الفكر الإرهابي

م34

سجن من 3 إلى 8 سنوات

التحريض على الانضمام

م35

سجن من 8 إلى 25 سنة

التدريب أو توفير أماكن تدريب

م36

سجن من 10 إلى 20 سنة

تقديم وسائل اتصال للكيانات الإرهابية

م38

سجن من 10 إلى 20 سنة

إنشاء موقع إلكتروني لأغراض إرهابية

م43

سجن من 5 إلى 20 سنة

نشر شائعات إرهابية

م44

سجن من سنة إلى 5 سنوات

التخطيط لجريمة إرهابية على أراضي المملكة

م45

سجن من 5 إلى 10 سنوات

ملحوظة: جميع الجرائم المنصوص عليها في النظام تُعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف.

خامسًا: الجهات المختصة وصلاحياتها النظامية

رئاسة أمن الدولة – جهة الضبط الجنائي (م4، م6، م9، م10):

تنفيذ كافة مهام الاستدلال والضبط.

طلب معلومات من أي جهة.

الأمر بالحجز التحفظي الفوري.

إصدار أوامر منع السفر مؤقتًا.

تشكيل لجان تسوية لطلبات التعويض من الضحايا.

إصدار أوامر الإفراج المؤقت للمحكوم عليهم وفقًا للضوابط.

النيابة العامة – جهة التحقيق (م5، م7، م8، م11، م18، م19):

إصدار أوامر القبض والتفتيش.

التحقيق في الجرائم الإرهابية وإقامة الدعوى.

تقييد الاتصال بالموقوفين أو زيارتهم.

الأمر بمنع المتهم من السفر أو حجز الأموال.

وقف الدعوى في حال التعاون أو البلاغ المبكر.

إصدار أوامر توقيف متعاقبة لمدة تصل إلى 12 شهرًا.

المحكمة الجزائية المتخصصة – جهة الفصل القضائي (م25-27):

نظر جميع الدعاوى المتعلقة بالجرائم الإرهابية وتمويلها.

مناقشة الشهود بسرية، وحماية الشهود والخبراء.

إصدار الأحكام الغيابية عند الضرورة.

تنفيذ الأحكام الأجنبية المتعلقة بجرائم الإرهاب.

جواز الطعن أمام محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة، والنقض أمام المحكمة العليا.

سادسًا: التعاون الدولي (المواد 72-75)

يتضمن النظام تنظيم آليات التعاون القضائي الدولي، وتشمل:

تسليم المشتبه بهم.

تسلّم المحكوم عليهم.

تبادل الأدلة والمعلومات.

تنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة في جرائم الإرهاب.

سابعًا: دلالات التشدد في العقوبات

إن شدة العقوبات المنصوص عليها في النظام تعكس التوجه الحازم للدولة في مواجهة أخطر التهديدات الأمنية، من خلال إطار قانوني صارم يوازن بين الردع والعدالة، ويمنح السلطات المختصة أدوات فعّالة في المكافحة والوقاية.

ثامنًا: الختام

يُعد نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله أحد أبرز النماذج التشريعية في العالم العربي والإسلامي، وقد صُمم بطريقة تُمكن من التصدي للجرائم المعاصرة والمستحدثة، من خلال تصنيف دقيق، وعقوبات واضحة، وصلاحيات مؤسسية منظمة.

لقد حرص النظام على سد جميع الثغرات القانونية التي قد يستغلها الإرهابيون أو ممولوهم، مع مراعاة كفالة الحقوق القانونية للمتهمين، مما يجسد توجه المملكة في تحقيق أمن شامل وعدالة مهنية تحافظ على سيادة القانون، وتحمي مصالح الدولة والمجتمع.

حفظ الله المملكة العربية السعودية، وأدام عليها أمنها وأمانها.