رائد السمي
تُعرّف المخدرات بأنها مواد تسبب الإدمان وتذهب العقل وتؤدي إلى تسممه، وقد أصبحت مشكلة تعاطي المخدرات آفة خطيرة تهدد المجتمعات على كافة المستويات، سواء بين الذكور أو الإناث، وعلى المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وباتت هذه المشكلة تمتد عبر الحدود والدول.
ومن حرص المملكة العربية السعودية على حماية المجتمع، أصدرت نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية لضمان تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وحماية الأمن الصحي والاجتماعي، مسترشدة بقوله ﷺ:
“كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”
وقوله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}
أولًا: الإطار النظامي والتشريعي
تسعى المملكة، انطلاقًا من قيمها وثوابتها الدينية، إلى مكافحة هذه السموم التي تستهدف العقل والقيم والصحة والمال. ومن أجل ذلك، صدر نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وتم اعتماد عقوبات صارمة تصل إلى القتل تعزيرًا ضد مهربي المخدرات استنادًا إلى قوله تعالى:
{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا…}
ثانيًا: تنظيم التراخيص والتعامل مع المواد المخدرة
حدد النظام الجهات المخولة بالحصول على التراخيص لاستيراد وتصدير واستخدام المواد المخدرة، ومنها:
شركات الأدوية ووكالاتها.
مستودعات الأدوية بالجملة.
المؤسسات العلاجية الحكومية والخاصة.
معامل التحاليل والمختبرات.
مصانع الأدوية المرخص لها بصنع الأدوية التي تحتوي على مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية.
كما تنص المادة 15 على أن وزارة الصحة مسؤولة عن مراجعة الكميات المطلوبة للاستيراد أو التصدير، ولها الحق في الموافقة أو التعديل أو الرفض وفقًا للضوابط، في حين تُشرف وزارة الداخلية بالتنسيق مع الجمارك على عبور المواد المخدرة عبر المملكة وفق ما تحدده اللوائح (المادة 19).
ثالثًا: المواد المحظورة وتصنيفاتها
يشمل النظام:
المخدرات الطبيعية: مثل الحشيش، الأفيون، القات.
المخدرات الصناعية (الكيميائية): مثل الكبتاجون، الميثامفيتامين (الشبو).
المؤثرات العقلية: كالمسكنات القوية وبعض المهدئات.
رابعًا: الفرق بين الحيازة، التعاطي، والاتجار
المادة الثالثة توضح أن الأفعال التالية تُعد جرائم:
تهريب أو استيراد أو إنتاج أو صنع أو تحويل أو حيازة أو إحراز أو نقل أو بيع أو شراء أو تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية.
زراعة النباتات المخدرة أو حيازة أجزائها أو تداولها.
تصنيع أو بيع معدات أو مواد تستخدم في إنتاج أو زراعة المواد المخدرة.
غسل الأموال الناتجة عن جرائم المخدرات.
المشاركة بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة أو الشروع في ارتكاب أي من الأفعال السابقة.
أهمية القصد الجنائي:
يُفرّق النظام بين التعاطي (نية الاستعمال الشخصي) والاتجار (نية البيع أو الترويج).
يثبت القصد الجنائي بالأدلة والشهادات والقرائن.
خامسًا: العقوبات
عقوبات التعاطي والحيازة لأول مرة
وفق المادة 41:
السجن من 6 أشهر إلى سنتين لكل من يثبت عليه التعاطي أو الحيازة بقصد الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها.
عقوبات الترويج أو التهريب
وفق المادة 37:
القتل تعزيرًا لمن يثبت عليه تهريب أو تصنيع أو تلقي أو جلب أو استيراد أو تصدير أو زراعة المخدرات بقصد الترويج.
ترويج المخدرات للمرة الثانية بعد صدور حكم أول سابق يعتبر من الحالات المشددة التي تصل عقوبتها إلى القتل.
سادسًا: أهمية النظام في حماية المجتمع
إن نظام مكافحة المخدرات لا يهدف فقط إلى العقاب، بل أيضًا إلى حماية المجتمع والفرد من الانحدار نحو الإدمان الذي يدمر العقول والقيم والأخلاق ويهدد الأمن العام. وقد كفل النظام أحكامًا متدرجة تشمل:
العلاج للمتعاطين الراغبين في الإقلاع.
السجن والجلد وفق ضوابط الشريعة الإسلامية.
الإعدام في حالات الاتجار أو التهريب الممنهج حفاظًا على المجتمع.