رائد السمي

اللجان الزكوية والضريبية والجمركية في المملكة العربية السعودية

اللجان الزكوية والضريبية والجمركية في المملكة العربية السعودية

اللجان الزكوية والضريبية والجمركية في المملكة العربية السعودية
اللجان الزكوية والضريبية والجمركية في المملكة العربية السعودية
اللجان الزكوية والضريبية والجمركية في المملكة العربية السعودية

شهد النظام القضائي السعودي تطورًا ملحوظًا مؤخرًا، تمثل في إنشاء لجان متخصصة للنظر في المنازعات المالية، ومن أبرزها اللجان الزكوية والضريبية والجمركية، والتي تعد ركيزة لتحقيق العدالة المالية والضريبية.
تساهم هذه اللجان في تعزيز الشفافية ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات العامة، وفق الأنظمة والتعليمات، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 لتعزيز البيئة الاستثمارية وتحقيق كفاءة الإنفاق.

 

أولًا: الإطار النظامي

صدر تنظيم هيئة الزكاة والضريبة والجمارك بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (570) بتاريخ 22/09/1442هـ، بدمج مصلحتي الزكاة والدخل والجمارك في كيان واحد.

صدر تنظيم اللجان الزكوية والضريبية والجمركية بقرار مجلس الوزراء رقم (178) بتاريخ 01/03/1444هـ، لتشكيل لجان قضائية ابتدائية واستئنافية للفصل في المنازعات الزكوية والضريبية والجمركية.

 

ثانيًا: أنواع اللجان واختصاصاتها

اللجان الابتدائية:

تتكون من ثلاثة أعضاء مؤهلين قانونيًا وماليًا.

تختص بالنظر في اعتراضات المكلفين على قرارات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، مثل الربوط الزكوية والضريبية والغرامات.

اللجان الاستئنافية:

تنظر في الطعون ضد قرارات اللجان الابتدائية.

تصدر قراراتها بأغلبية الأصوات، وتكون نهائية وواجبة التنفيذ.

 

ثالثًا: آلية التقاضي

تسير عملية التقاضي وفق مراحل منظمة:
تقديم الاعتراض: خلال 30 يومًا من تاريخ تبليغ القرار.
الفصل الابتدائي: تصدر اللجنة الابتدائية قرارها بعد دراسة الاعتراض.
الاستئناف: يحق للطرف المتضرر الطعن في القرار خلال 30 يومًا أمام اللجنة الاستئنافية.

 

رابعًا: ضمانات العدالة في عمل اللجان

كفل النظام ضمانات متعددة، منها:

استقلالية الأعضاء وعدم خضوعهم لأي توجيهات إدارية.

علنية الجلسات إلا إذا تقرر سريتها لمبررات معتبرة.

إلزامية تسبيب القرارات وبيان الأسس النظامية والواقعية.

السماح بالاستعانة بوكيل شرعي أو محاسب قانوني.

 

خامسًا: الطعن على قرارات اللجان

تُعد قرارات اللجنة الاستئنافية نهائية وواجبة التنفيذ ما لم تتضمن مخالفة صريحة للنظام.
في الحالات الاستثنائية، يمكن التظلم أمام ديوان المظالم لإلغاء القرار وفق نظام المرافعات.

 

سادسًا: دور اللجان في تعزيز الامتثال الضريبي

تلعب اللجان دورًا محوريًا في:

حماية الحقوق النظامية للمكلفين.

رفع مستوى الشفافية في العلاقة بين الهيئة والمكلفين.

تحقيق الرقابة القضائية على إجراءات الهيئة لضمان العدالة.

تعزيز الثقة في النظام المالي بالمملكة.

 

سابعًا: التحديات والاقتراحات

أبرز التحديات:
كثرة القضايا في بعض الدوائر.
ضعف الإلمام بالإجراءات النظامية لدى بعض المكلفين.
الحاجة لمزيد من التخصص في بعض القضايا المعقدة.

أهم الاقتراحات:
تكثيف الدورات التدريبية للأعضاء.
التوسع في أتمتة الإجراءات القضائية.
إنشاء دوائر متخصصة لبعض القطاعات.

 

ثامنًا: العلاقة مع هيئة المراجعين والمحاسبين

تتعاون اللجان مع الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين، إذ تعتبر تقارير المحاسبين القانونيين من أهم الأدلة عند نظر المنازعات، خاصة في تحديد الأرباح أو تقييم المعاملات المرتبطة، مما يعزز جودة الأحكام ويقلل من الطعون.

 

تاسعًا: التطورات التقنية في أعمال اللجان

تماشيًا مع رؤية 2030، تم تطوير مبادرات تقنية تخدم بيئة التقاضي:
بوابة “لجان” الإلكترونية لتقديم الدعاوى والاعتراضات ومتابعة الجلسات إلكترونيًا.
الربط المباشر بين الهيئة واللجان لتسريع تبادل البيانات.
اعتماد التوقيع الرقمي والتبليغ الإلكتروني، مما يقلل من مدة التقاضي ويعزز العدالة الناجزة.

 

عاشرًا: أثر قرارات اللجان على البيئة الاستثمارية

تُعد قرارات اللجان مقياسًا لشفافية وعدالة النظام المالي، حيث يعتمد المستثمرون على هذه القرارات في تقييم المخاطر والامتثال الضريبي.
وقد ساهمت فعالية اللجان في رفع معدلات الامتثال الضريبي وتحسين بيئة الأعمال في المملكة.

 

تُعد اللجان الزكوية والضريبية والجمركية جزءًا أساسيًا من البنية العدلية والمالية في المملكة، إذ تحقق التوازن بين حماية حقوق المكلفين وتحقيق مصالح الدولة في تحصيل الإيرادات، من خلال آليات قانونية شفافة وضمانات قضائية عادلة.
ويأتي تطوير هذه اللجان ضمن أهداف رؤية 2030 لتعزيز البيئة الاستثمارية وتحقيق الكفاءة في الإنفاق العام، ما يستلزم:

رفع كفاءة الكوادر البشرية.

تعزيز التخصص المالي والقانوني.

دعم الوسائل التقنية لتسريع إجراءات التقاضي.

ختامًا، يمثل تمكين هذه اللجان أداة استراتيجية لدعم التنمية المستدامة في المملكة وتحقيق العدالة المالية، بما يعزز الثقة في النظام القانوني والمالي ويسهم في بناء اقتصاد وطني مستقر وعادل.