رائد السمي
في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030، أطلقت المملكة حزمة إصلاحات اقتصادية وتشريعية واسعة النطاق، كان من أبرزها تحديث المنظومة النظامية للاستثمار من خلال نظام الاستثمار الجديد، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/72) وتاريخ 16/01/1446هـ الموافق 22/07/2024م.
يمثل هذا النظام نقلة نوعية في البيئة الاستثمارية، حيث يُرسخ مبدأ المساواة بين المستثمر المحلي والأجنبي، ويُعزز من جاذبية المملكة كوجهة استثمارية قائمة على الشفافية والعدالة والتنافسية.
أولًا: مفهوم التسجيل الاستثماري وأهميته
تعريف التسجيل الاستثماري:
هو الإجراء النظامي الأول الذي يُلزم المستثمر — خاصة الأجنبي — قبل البدء في أي نشاط اقتصادي داخل المملكة.
أهداف التسجيل:
تنظيم العلاقة بين المستثمر والجهات الرسمية.
بناء قاعدة بيانات موحدة تشمل المستثمرين المحليين والأجانب.
تسهيل تطوير السياسات الاقتصادية من خلال البيانات الإحصائية.
تعزيز الرقابة وتحقيق الشفافية.
متطلبات التسجيل:
تعبئة نموذج التسجيل عبر البوابة الإلكترونية لوزارة الاستثمار.
إرفاق المستندات المطلوبة.
بعد التسجيل: يستطيع المستثمر استخراج السجل التجاري واستكمال التراخيص النظامية من الجهات المختصة.
ثانيًا: رخصة الاستثمار وآلية الحصول عليها
تعريف الرخصة:
رخصة الاستثمار هي تصريح رسمي تصدره وزارة الاستثمار يتيح للمستثمر مزاولة الأنشطة الاقتصادية في المملكة.
خطوات الحصول على الرخصة:
التسجيل في السجل الوطني للاستثمار.
تقديم طلب إلكتروني عبر مركز الخدمة الشاملة.
استيفاء المتطلبات الفنية والتنظيمية.
الحصول على السجل التجاري والتراخيص الأخرى ذات العلاقة.
مركز الخدمة الشاملة:
جهة تنسيقية أنشأتها وزارة الاستثمار لتسهيل جميع الإجراءات عبر منصة واحدة، تختصر على المستثمر مراجعة عدة جهات.
ثالثًا: الأنشطة المسموح بها ونطاق النظام
الأصل في الأنشطة هو الإباحة، إلا ما يُستثنى بنص.
تصدر وزارة الاستثمار قائمة الأنشطة المستثناة بشكل دوري.
في حال رغبة المستثمر بمزاولة نشاط ضمن الأنشطة المستثناة:
يجب تقديم طلب خاص.
يحال إلى الجهة المختصة.
يُبت فيه وفق معايير محددة باللائحة التنفيذية.
رابعًا: حقوق المستثمرين
نص النظام الجديد على مجموعة من الضمانات الجوهرية، منها:
المساواة التامة بين المستثمر المحلي والأجنبي.
حماية الاستثمارات من المصادرة أو نزع الملكية إلا بحكم قضائي نهائي، وتعويض عادل.
حرية تحويل الأموال والأرباح دون تأخير أو قيود غير مبررة.
حماية الملكية الفكرية والمعلومات التجارية.
الشفافية وسرعة الإجراءات الإدارية.
الحق في تسوية المنازعات بوسائل بديلة كالتحكيم والوساطة والمصالحة.
خامسًا: تسوية المنازعات
يجوز للمستثمرين اللجوء إلى القضاء المختص أو الاتفاق على وسائل بديلة.
النظام أتاح صراحة استخدام التحكيم، الوساطة، والمصالحة لتسوية النزاعات الخاصة.
يُعزز ذلك من مرونة البيئة القانونية، ويُسهم في تسريع حل النزاعات الاستثمارية.
سادسًا: الحوافز الاستثمارية
أقر النظام حوافز متعددة تهدف إلى تعزيز جاذبية المملكة للمستثمرين، ومنها:
إلغاء شرط الترخيص المسبق، والاكتفاء بالتسجيل عبر السجل الوطني.
تقديم الخدمات عبر مركز الخدمة الشاملة.
ضمان حماية الأموال والأرباح من المصادرة أو الحجز غير المشروع.
الحق في اللجوء إلى وسائل بديلة لتسوية النزاعات.
مزايا إضافية للقطاعات المستهدفة مثل:
التقنية.
الصناعة.
الطاقة المتجددة.
السياحة.
وتشمل هذه المزايا:
إعفاءات ضريبية.
أراضٍ صناعية بأسعار مدعومة.
دعم تمويلي.
وضوح تشريعي يحمي من التغييرات المفاجئة.
سابعًا: دور وزارة الاستثمار والجهات الحكومية
مهام وزارة الاستثمار تشمل:
تنفيذ أحكام النظام الجديد.
تنسيق الإجراءات مع الجهات الحكومية الأخرى.
تقديم الدعم الفني والإجرائي للمستثمرين.
نشر الأدلة الإرشادية واللوائح التنفيذية.
تحديث قائمة الأنشطة المسموح بها والمستثناة.
إدارة مركز الخدمة الشاملة.
هذا الدور يعكس التزام الدولة بتحسين مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال، ويعزز من ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
ثامنًا: الأثر المتوقع على بيئة الأعمال
رفع جاذبية المملكة للاستثمار الأجنبي المباشر.
تعزيز نمو القطاعات الاستراتيجية.
المساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني.
نقل التقنية وتوطين المعرفة.
خلق فرص عمل جديدة.
ترسيخ مفهوم “الاستثمار طويل الأجل الآمن“ في المملكة.
تاسعًا: مقارنة بين النظام الجديد والنظام السابق
العنصر | النظام السابق (1421هـ) | النظام الجديد (1446هـ) |
اسم النظام | نظام الاستثمار الأجنبي | نظام الاستثمار |
النطاق | فقط المستثمر الأجنبي | المستثمر المحلي والأجنبي |
الترخيص | مطلوب ترخيص مسبق | اكتُفي بالتسجيل |
الأنشطة | محدودة بقيود كثيرة | حرية أوسع باستثناء أنشطة مستثناة |
المنازعات | القضاء فقط | أتاح الوسائل البديلة |
عاشرًا: المخالفات والعقوبات
صنف النظام المخالفات إلى جسيمة وغير جسيمة.
تم اعتماد مبدأ التدرج في العقوبات.
تم التشديد على أهمية:
الالتزام بالإفصاح.
تقديم بيانات دقيقة.
الامتثال للأنظمة والتعليمات.
جاء نظام الاستثمار الجديد ليواكب متطلبات المرحلة الاقتصادية في المملكة، ويُعيد رسم العلاقة بين الدولة والمستثمر على أسس من العدالة والشفافية والتمكين. ويُعد التسجيل الاستثماري ورخصة الاستثمار المدخل الأساسي لأي نشاط اقتصادي، لا سيما للمستثمرين الأجانب، الذين بات بإمكانهم الاستفادة من منظومة قانونية حديثة، ومحفزات نوعية، وإجراءات ميسرة تعزز من ثقتهم في السوق السعودي، وتدعم مستهدفات رؤية المملكة 2030 نحو اقتصاد متنوع ومستدام.