رائد السمي
يهدف نظام العمل في المملكة العربية السعودية إلى تعزيز مشاركة المواطنين في سوق العمل وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، تحقيقًا لمبادئ حكومتنا الرشيدة ورؤية المملكة 2030. إلا أن بعض المنشآت تلجأ إلى ممارسات غير مشروعة، من أبرزها السعودة الوهمية، التي تُعد مخالفة صريحة للنظام وتمثل تحايلاً يضر بسوق العمل والاقتصاد الوطني.
تعريف السعودة الوهمية
السعودة الوهمية هي: قيام المنشآت بتسجيل مواطنين ضمن قوائم العاملين لديها بشكل صوري، دون وجود علاقة عمل حقيقية، بهدف التحايل على نسب التوطين المقررة نظامًا.
وقد تتم هذه الممارسة:
بالاتفاق مع المواطن مقابل راتب دون مباشرة العمل.
أحيانًا دون علم المواطن، لكنه نادر الحدوث.
مخالفة السعودة الوهمية لنظام العمل
المادة (26) من نظام العمل:
تلزم المنشآت بتوظيف السعوديين، وتوفير التدريب والتأهيل لهم، وألا تقل نسبة السعوديين عن 75% من العمالة، إلا في حالات استثنائية.
السعودة الوهمية تحرم المواطنين من التدريب والتأهيل، وتنتج عمالة غير كفؤة، وتؤدي إلى الاعتماد على العمالة الأجنبية، وهو ما يخالف المبادئ النظامية والاقتصادية للمملكة.
المادة (8) من نظام العمل:
“يبطل كل شرط يخالف أحكام هذا النظام.” بالتالي، أي اتفاق بين العامل والمنشأة يهدف للسعودة الوهمية يعد باطلًا نظامًا، لمخالفته الأجور، أوقات العمل، والحقوق الأخرى.
المادة (11) من اللائحة التنفيذية لنظام العمل:
تحظر توظيف غير السعوديين في المهن المحصورة للسعوديين.
السعودة الوهمية تفتح المجال لتمكين الأجانب في هذه المهن بطرق مخالفة للنظام.
أضرار السعودة الوهمية على سوق العمل والاقتصاد
حرمان المواطنين من فرص العمل الحقيقية والدخول الفعلي لسوق العمل.
تشويه نسب التوطين في الإحصاءات الرسمية، مما يعطل التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي.
انخفاض الإنتاجية الوطنية بسبب تسجيل موظفين وهميين دون إنتاج فعلي.
إهدار الدعم الحكومي والموارد نتيجة تقديم الدعم للمنشآت المخالفة.
الإضرار بالمنافسة لصالح المنشآت المخالفة على حساب المنشآت الملتزمة بالتوطين.
تعطيل برامج التوطين مثل “نطاقات” و”تمهير”، وبث عدم الثقة في الإحصائيات.
استمرار الاعتماد على العمالة الأجنبية وتأخر تمكين الكفاءات الوطنية.
العقوبات النظامية على السعودة الوهمية
في نظام العمل:
حجب خدمات الوزارة جزئيًا أو كليًا، ومنع المنشآت من برامج التوطين.
غرامات مالية تصل إلى 50,000 ريال لكل حالة مخالفة وفق جدول العقوبات المعتمد من وزارة الموارد البشرية.
تجميد الخدمات الإلكترونية وعدم تجديد رخص العمل.
وضع المنشأة في النطاق الأحمر مما يمنع تجديد الإقامات أو التوسع بالنشاط.
الإحالة للنيابة العامة حال وجود تزوير أو تلاعب في البيانات.
في نظام التأمينات الاجتماعية (المادة 59):
غرامة لا تزيد على 50,000 ريال عن كل مخالفة، وتتعدد الغرامة بتعدد الأشخاص المسجلين بالمخالفة.
قد تصل العقوبة إلى ضعف قيمة الاشتراكات المستحقة عن المدة المخالفة.
استرداد الاشتراكات المدفوعة خلال المدة المخالفة.
آثار السعودة الوهمية على المواطن
حرمانه من التأمين الطبي وتأمين المخاطر.
منعه من برامج دعم البطالة مثل “ساند” و”حافز”.
ضياع الحقوق الوظيفية لعدم وجود عقد عمل حقيقي.
المساءلة القانونية في حال اشتراكه في التزوير.
تُعد السعودة الوهمية تحديًا حقيقيًا أمام جهود التوطين في سوق العمل السعودي، فهي ليست مخالفة نظامية فحسب، بل عائق أمام التنمية الوطنية وتحقيق رؤية المملكة 2030.
تكمن خطورتها في إضعاف ثقة المجتمع ببرامج التوطين وإهدار الموارد وتعطيل الفرص أمام الكفاءات الوطنية.
الحل يبدأ من:
التزام المنشآت بالتوطين الفعلي.
تعزيز الرقابة على بيانات التوظيف.
نشر الوعي القانوني لدى المواطنين بعدم المشاركة في السعودة الوهمية.
تطبيق العقوبات الصارمة بحق المخالفين لضمان العدالة والنمو المستدام.
إن نجاح التوطين يقاس بتمكين الكفاءات الوطنية فعليًا في سوق العمل، وليس بعدد الأسماء المسجلة وهميًا، لضمان بناء اقتصاد مستدام قائم على المواطن كركيزة أساسية للتنمية.

