رائد السمي

التهرب الضريبي في المملكة العربية السعودية

التهرب الضريبي في المملكة العربية السعودية

التهرب الضريبي في المملكة العربية السعودية
التهرب الضريبي في المملكة العربية السعودية
التهرب الضريبي في المملكة العربية السعودية

يُعد الالتزام الضريبي من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها الدول في تمويل الميزانيات وتوفير الخدمات العامة، وفي إطار رؤية المملكة 2030، حرصت المملكة على تطوير الأنظمة والتشريعات الضريبية لتحقيق الاستدامة المالية وتنويع مصادر الدخل.
ومع ذلك، يظل التهرب الضريبي أحد أبرز التحديات التي تواجه كفاءة وعدالة النظام الضريبي.

 

أولًا: تعريف التهرب الضريبي

التهرب الضريبي: قيام المكلف بالتحايل على النظام الضريبي لتقليل أو إسقاط الالتزام الضريبي كليًا، باستخدام وسائل مثل تقديم بيانات غير صحيحة، الامتناع عن التسجيل أو تقديم الإقرارات، أو التلاعب في السجلات والفواتير.
ويُعد وفق الأنظمة السعودية مخالفة جسيمة يعاقب مرتكبها بالغرامات، وقد تصل العقوبة إلى السجن في حالات الغش أو الاحتيال.

 

ثانيًا: الفرق بين التهرب الضريبي والتجنب الضريبي

التجنب الضريبي: استخدام الوسائل القانونية المشروعة لتقليل العبء الضريبي (مثل استغلال الإعفاءات أو إعادة هيكلة الأعمال).

التهرب الضريبي: مخالفة النظام من خلال إخفاء الإيرادات أو تقديم بيانات مزورة، وهو غير قانوني.

 

ثالثًا: الإطار النظامي للضرائب في المملكة

ترتكز المنظومة الضريبية في المملكة على:
نظام ضريبة الدخل (م/1، 15/01/1425هـ).
نظام ضريبة القيمة المضافة (م/113، 02/11/1438هـ).
نظام الزكاة (قرار مجلس الوزراء رقم 221، 07/07/1441هـ).
اللوائح التنفيذية التي تحدد تفاصيل الاحتساب والإجراءات والعقوبات.

 

رابعًا: أساليب التهرب الضريبي

عدم إصدار الفواتير الإلكترونية.
تقديم فواتير وهمية أو لأطراف ذات علاقة.
تسجيل المنشأة بأسماء أخرى لتجزئة الإيرادات.
استخدام الحسابات البنكية الشخصية بدلاً من الحسابات الرسمية.
الامتناع عن تقديم الإقرارات أو تأخيرها.
إخفاء العمليات التجارية أو إجراء المبيعات خارج النظام.

 

خامسًا: الآثار الاقتصادية للتهرب الضريبي

يسبب التهرب الضريبي:
انخفاض الإيرادات الحكومية.
الإضرار بعدالة النظام الضريبي.
خلق بيئة غير تنافسية بين المنشآت.
إضعاف الثقة في النظام المالي والقانوني.
إبطاء جهود التنمية الاقتصادية.

 

سادسًا: الجهات الرقابية وآليات الضبط

تختص هيئة الزكاة والضريبة والجمارك بمكافحة التهرب الضريبي من خلال:
فحص الإقرارات والتحقق منها.
الزيارات الميدانية والمراجعات المحاسبية.
إصدار إشعارات التقدير وفرض العقوبات.
التعاون مع النيابة العامة في حالات التهرب الجسيم.

 

سابعًا: العقوبات النظامية

غرامة تصل إلى 3 أضعاف الضريبة غير المسددة (مادة 40 من نظام ضريبة القيمة المضافة).
غرامة 50,000 ريال لعدم إصدار الفواتير أو عدم التسجيل.
غرامة تأخير 5% لكل 30 يوم تأخير في السداد.
في حالات الغش الجسيم، الإحالة للنيابة العامة والسجن.

 

ثامنًا: جهود المملكة في مكافحة التهرب الضريبي

تضمنت جهود المملكة:
إطلاق نظام الفوترة الإلكترونية (فاتورة) وربطها مع الهيئة.
توقيع اتفاقيات تبادل المعلومات الضريبية.
تدريب الموظفين على أدوات التحليل والمراجعة المالية.
توفير قنوات سرية للإبلاغ عن التهرب.
تحديث الأنظمة لمواكبة التطورات الاقتصادية.

 

تاسعًا: دور التقنية في ضبط حالات التهرب

اعتمدت الهيئة تقنيات متقدمة تشمل:
الفوترة الإلكترونية (مرحلة التوليد ثم الربط المباشر مع الهيئة).
الربط البنكي مع الإقرارات التجارية.
أدوات تحليل المخاطر والذكاء الاصطناعي لرصد الأنماط المشبوهة.

 

عاشرًا: الغرامة الإدارية مقابل العقوبة الجنائية

الغرامة الإدارية: تفرض مباشرة من الهيئة على المخالفات الإجرائية (مثل التأخير في الإقرار أو عدم التسجيل).

العقوبة الجنائية: تطبق في حالات الغش والتزوير (مثل تقديم محررات مزورة) وتتطلب إحالة للنيابة العامة.

 

يمثل التهرب الضريبي تحديًا أمام تحقيق العدالة الاقتصادية والاستدامة المالية في المملكة، وقد واجهت الدولة هذه الظاهرة بمنظومة تشريعية متكاملة وجهود رقابية متقدمة.
ويبقى دور المكلفين جوهريًا في تحقيق الامتثال الطوعي لتعزيز الشفافية والمساهمة في بناء اقتصاد وطني مستدام ضمن رؤية المملكة 2030.