رائد السمي
تُعد المياه من الموارد الحيوية التي تعتمد عليها جميع أشكال الحياة. وفي المملكة العربية السعودية، حيث تُعد المياه موردًا نادرًا، كان من الضروري تطوير نظام شامل لإدارة المياه يضمن استدامتها وعدالة توزيعها، بما ينسجم مع رؤية المملكة 2030 لتحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة.
أولًا: نشأة وتطور نظام المياه في المملكة
تاريخيًا، اعتمدت المجتمعات في المملكة على الآبار والعيون لتلبية احتياجاتها.
مع التوسع العمراني والنمو السكاني، أُنشئت وزارة المياه والكهرباء عام 1975 لتطوير استراتيجيات فعالة لإدارة الموارد المائية.
صدر نظام المياه بموجب المرسوم الملكي رقم (م/159) بتاريخ 11/11/1441هـ ليشمل جميع مصادر المياه في المملكة باستثناء مياه زمزم.
ثانيًا: أهداف نظام المياه
المحافظة على مصادر المياه وتنميتها واستدامتها.
ضمان توفير إمدادات مياه آمنة ونظيفة وبأسعار عادلة.
تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة المائية.
توفير المياه للقطاع الزراعي بما يضمن استدامته.
تحقيق العدالة في توزيع المياه وفق المعايير المعتمدة.
ثالثًا: مصادر المياه في المملكة
المياه الجوفية: المصدر الرئيسي في المناطق الصحراوية ويتم استخراجها من الأحواض الجوفية.
تحلية المياه: تُعد المملكة رائدة عالميًا في تحلية المياه لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
المياه السطحية: تشمل الأنهار والسدود والبحيرات، ولكنها محدودة بسبب قلة الأمطار.
كما ينص نظام المياه (مادة 21) على:
حظر استخدام مياه الصرف غير المعالجة.
حظر تصريف المياه المعالجة إلا وفق المعايير المحددة والحصول على التراخيص اللازمة.
رابعًا: إدارة الموارد المائية
تعتمد المملكة في إدارة المياه على:
التخطيط الاستراتيجي: لوضع خطط وطنية لتقليل الفاقد وتحسين الكفاءة.
التكنولوجيا الحديثة: استخدام نظم المعلومات الجغرافية وتقنيات إدارة الموارد المائية.
التوعية المجتمعية: تنفيذ حملات للتوعية بأهمية ترشيد استهلاك المياه.
خامسًا: التحديات التي تواجه نظام المياه
ندرة المياه: كون المملكة من أكثر الدول جفافًا عالميًا.
زيادة الطلب: نتيجة النمو السكاني والتوسع الصناعي والزراعي.
التلوث: تدهور جودة المياه بسبب الملوثات الصناعية والزراعية.
سادسًا: الحلول الممكنة
تعزيز مشاريع التحلية: تطوير تقنيات جديدة لزيادة الإنتاج وتقليل التكاليف.
إعادة استخدام المياه: في الزراعة والصناعة لتقليل الضغط على المياه العذبة.
تحسين شبكات التوزيع: لتقليل الفاقد ورفع كفاءة الإمداد.
تطوير الزراعة الذكية: باستخدام تقنيات توفر المياه مثل الزراعة المائية والعمودية.
سابعًا: دور الحكومة والمجتمع
السياسات الحكومية: تطوير استراتيجيات وبرامج فعالة لإدارة الموارد المائية.
مشاركة المجتمع: عبر تقليل الهدر المنزلي، والمشاركة في حملات حماية البيئة، ودعم الابتكارات في مجال المياه.
ثامنًا: المبادرات الحكومية
استراتيجية المياه الوطنية: لتحقيق التوازن بين العرض والطلب على المياه.
برنامج التحلية الوطني: لزيادة إنتاج المياه المحلاة.
مشاريع السدود: لتخزين المياه السطحية وتعزيز الاستفادة منها.
يُعد نظام المياه في المملكة عنصرًا حيويًا لتحقيق التنمية المستدامة، ويعكس التزام المملكة بالحفاظ على مواردها الطبيعية. من خلال تبني التقنيات الحديثة، وتعزيز الوعي المجتمعي، وتطوير السياسات الداعمة، يمكن للمملكة ضمان استدامة المياه للأجيال القادمة وتحقيق أمنها المائي في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.

