رائد السمي

عقوبة اللواط في المملكة العربية السعودية: دراسة قانونية تحليلية

عقوبة اللواط في المملكة العربية السعودية: دراسة قانونية تحليلية

عقوبة اللواط في المملكة العربية السعودية: دراسة قانونية تحليلية
عقوبة اللواط في المملكة العربية السعودية: دراسة قانونية تحليلية
عقوبة اللواط في المملكة العربية السعودية: دراسة قانونية تحليلية

 تُعد جريمة اللواط من الجرائم الجسيمة التي تمس القيم الأخلاقية والمبادئ الدينية، وتشكل انتهاكًا صارخًا للفطرة الإنسانية السليمة، ومساسًا بالأمن المجتمعي والسلم الأخلاقي. وقد أولت الشريعة الإسلامية اهتمامًا بالغًا بهذه الجريمة، فأقرت لها عقوبات رادعة، تعكس خطورتها وتهدف إلى حماية المجتمع. وفي المملكة العربية السعودية، تعتمد المنظومة العدلية على الشريعة الإسلامية أساسًا للتقنين، وهو ما يجعل العقوبات في بعض الجرائم، ومنها جريمة اللواط، تخضع لاجتهاد القضاء في ظل غياب نظام عقوبات موحد.

 

أولًا: غياب نظام العقوبات الموحد وأثره على تطبيق عقوبات اللواط

الإطار النظامي الحالي:

تستند العقوبات الجنائية في المملكة إلى الشريعة الإسلامية، ويُمنح القاضي سلطة تقديرية في تقرير العقوبة التعزيرية، في حال عدم وجود حد شرعي أو نص نظامي واضح.

أثر غياب النظام الموحد:

تفاوت الأحكام القضائية في القضايا المتشابهة.

تعدد مرجعيات الاستدلال القضائي، ما بين الاجتهاد الشخصي والمبادئ القضائية الصادرة.

انعدام الضبط التشريعي لمقدار العقوبة، ما قد يؤثر على مبدأ العدالة وتكافؤ الأحكام.

تطبيق العقوبات في قضايا اللواط:

تتراوح العقوبات بين:

القتل تعزيرًا، في حالات الجريمة المركبة أو التي تمثل خطرًا عامًا.

السجن والجلد، في الحالات التي لا تُقدّر فيها الجريمة بموجب الحد.

 

ثانيًا: المبادئ القضائية للمحكمة العليا كمصدر تنظيمي لتعزير جريمة اللواط

الطبيعة القانونية للمبادئ القضائية:

تُعد المبادئ القضائية الصادرة عن المحكمة العليا بمثابة توجيه إلزامي للمحاكم، وقد اكتسبت حجية نظامية معتبرة، خاصة بعد صدور المادة (87) من نظام المحاكم التجارية، التي أقرت صراحةً بوجوب مراعاة المبادئ القضائية عند الفصل في المنازعات.

أبرز المبادئ القضائية الصادرة في قضايا اللواط:

رقم المبدأ

مضمون المبدأ

مدلوله

1222

اللواط أغلظ من الزنا، ويُعاقب عليه بالقتل في جميع الأحوال

تأكيد على جسامة الجريمة

1295

المصادقة على حكم القتل التعزيري لفاعل اللواط بالقوة أثناء ارتداء الزي الرسمي

تشديد العقوبة نظير الإخلال بالوظيفة العامة

1332

اعتبار عقد نكاح بين رجلين استحلالًا للجريمة، ويُعاقب عليه بالقتل أو الرجم حدًا

توصيف الفعل بوصفه اعتداء على الدين والنظام العام

1516

عدم اعتبار التنازل عن الحق الخاص سببًا لتخفيف العقوبة

الحفاظ على الحق العام وهيبة النظام

1383

حال الرجوع عن الاعتراف، يُعاقب بالسجن الطويل والجلد لحماية الأمن العام

مرونة تعزيرية مراعية لسلامة الإجراءات

أهمية هذه المبادئ:

تمثل سوابق قضائية تنظيمية.

تُرشد القضاة إلى مستوى العقوبة الملائم.

تُعزز الاتساق في الأحكام في ظل غياب تقنين صريح.

 

ثالثًا: القيمة النظامية للمبادئ القضائية في ضوء المادة (87)

نصت المادة (87) من نظام المحاكم التجارية على أن مخالفة المبادئ التي تقرها المحكمة العليا تُعد سببًا مشروعًا لنقض الحكم. ويترتب على ذلك:

اعتبار المبادئ القضائية ملزمة في الأحكام إذا تشابهت الوقائع.

مساواتها من حيث الحجة بالنصوص النظامية والشريعة.

وجوب التسبيب القضائي عند الخروج عن مضمون هذه المبادئ.

 

رابعًا: دعوة لتقنين العقوبات التعزيرية وتوحيدها

إن استمرار غياب نظام عقوبات موحد في المملكة، لا سيما في الجرائم التي تفتقر إلى حد شرعي، يفتح المجال لاجتهادات قضائية متفاوتة. وعلى الرغم من الدور الإيجابي للمبادئ القضائية، إلا أن:

الاستقرار القضائي يتطلب مرجعية تشريعية واضحة.

العدالة تقتضي المساواة في العقوبة بين الوقائع المتشابهة.

تحديد حد أدنى وأقصى للعقوبات يضبط سلطة القاضي ويحد من تباين الأحكام.

 

تمثل جريمة اللواط اعتداءً خطيرًا على النظام العام والقيم الدينية والاجتماعية، وقد تعامل معها القضاء السعودي بصرامة متناهية وفق أحكام الشريعة، وبالاستناد إلى المبادئ القضائية الصادرة عن المحكمة العليا. وفي ظل غياب نظام موحد للعقوبات التعزيرية، برزت المبادئ القضائية كمصدر تنظيمي فعال، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لتقنين شامل للعقوبات الجنائية، يحقق التوازن بين العدالة والردع، وبين المرونة والانضباط القضائي، ويُسهم في توحيد الاجتهادات القضائية في المملكة.