رائد السمي

عقد العمل المرن في النظام السعودي

عقد العمل المرن في النظام السعودي

عقد العمل المرن في النظام السعودي
عقد العمل المرن في النظام السعودي
عقد العمل المرن في النظام السعودي

في إطار توجه المملكة العربية السعودية نحو تطوير سوق العمل وتعزيز مرونته، وبما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، أُدرج “عقد العمل المرن“ ضمن منظومة تنظيم العمل كأحد النماذج الحديثة التي تستهدف تلبية احتياجات السوق المتغيرة. وقد أُقر هذا العقد ليكون خيارًا مرنًا للعمل مخصصًا للمواطنين السعوديين فقط، وليخدم فئات متعددة مثل: الطلبة، الباحثين عن عمل، والنساء، إضافةً إلى أصحاب الأعمال الصغيرة والمستثمرين الأفراد.

 

أولًا: تعريف عقد العمل وعقد العمل المرن

تعريف عقد العمل (بوجه عام)

نصّت الفقرة (1) من المادة الخامسة من نظام العمل على أن:

“تسري أحكام هذا النظام على: كل عقد عمل يلتزم بمقتضاه أي شخص بالعمل لمصلحة صاحب عمل وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر”.

تعريف عقد العمل المرن

يُعرف عقد العمل المرن بأنه:

“عقد يُبرم بين العامل وصاحب عمل واحد أو أكثر، ويتم فيه احتساب الأجر على أساس الساعة، ويتميز بإمكانية توزيع ساعات العمل بشكل غير منتظم حسب الحاجة”.

وقد ورد هذا التعريف في الدليل الإجرائي لتنظيم العمل المرن تحت قسم “التعريفات والمصطلحات”.

 

ثانيًا: الطبيعة القانونية للعقد المرن

لا يُعتبر العامل مشمولًا بنظام العمل المرن إذا كان يعمل بنظامٍ دائم وتم تخفيض عدد ساعات عمله، إذ يبقى خاضعًا لأحكام عقد العمل الاعتيادي. وقد أكدت المادة (219) من نظام العمل على ذلك بقولها:

“لا يعد العاملون طوال الوقت الذين يتأثرون بتخفيض جماعي ومؤقت لساعات عملهم العادية لأسباب اقتصادية أو تقنية أو هيكلية – عاملين لبعض الوقت”.

 

ثالثًا: توثيق عقد العمل المرن

وفقًا للفقرة (1) من المادة (220) من اللائحة التنفيذية لنظام العمل، يجب أن:

يكون عقد العمل المرن مكتوبًا.

يُحدد فيه عدد ساعات العمل.

تكون ساعات العمل أقل من نصف ساعات العمل اليومية المعتادة في المنشأة.

كما يجب توثيق هذا العقد من خلال منصة “مرن” الإلكترونية المعتمدة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

 

رابعًا: تجديد عقد العمل المرن

يجوز للعامل وصاحب العمل الاتفاق على تجديد العقد في الحالات التالية:

بنفس مدة العقد السابقة.

لمدة مماثلة.

لمدة جديدة يتم التفاهم عليها.

وقد ورد ذلك في الفقرة (2) من المادة (220) من اللائحة التنفيذية التي نصت على:

“يجوز تجديد عقد العمل لبعض الوقت لمدة مماثلة، أو لمدة يتفق عليها الطرفان”.

 

خامسًا: فسخ العقد والتعويض

أجازت الفقرة (3) من المادة (220) للمتضرر من فسخ عقد العمل المرن دون مبرر مشروع المطالبة بالتعويض عن باقي مدة العقد، ما لم يُنص على خلاف ذلك في الاتفاق، ونصها:

“إذا فُسخ عقد العمل لبعض الوقت من أحد طرفيه دون سبب مشروع، كان للطرف المتضرر أن يطالب بأجور بقية مدة العقد على سبيل التعويض؛ ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك”.

 

سادسًا: الفئات المشمولة بالعقد المرن

يقتصر عقد العمل المرن على السعوديين فقط، ولا يجوز تطبيقه على غير السعوديين، وذلك بموجب الفقرة (2) من ثانياً من اللائحة التنفيذية للمادة (220) والتي نصت على:

“تقتصر عقود العمل بنظام العمل المرن على السعوديين فقط”.

 

سابعًا: الإجازات مدفوعة الأجر

لا يُلزم صاحب العمل بتعويض العامل في عقد العمل المرن عن الإجازات مدفوعة الأجر، سواء كانت:

الإجازة السنوية.

إجازات المناسبات.

الإجازة المرضية.

وقد جاء ذلك صراحة في الفقرة (4) من ثانياً من اللائحة التنفيذية للمادة (220).

 

ثامنًا: مكافأة نهاية الخدمة

استثناءً من القواعد العامة، لا يستحق العامل بعقد عمل مرن مكافأة نهاية الخدمة، وذلك وفقًا للفقرة (5) من ثانياً من اللائحة التنفيذية للمادة (220)، والتي نصت على:

“لا يلزم صاحب العمل تعويض العامل بعقد بنظام العمل المرن بمكافأة نهاية الخدمة”.

 

تاسعًا: فترة التجربة

العامل في عقد العمل المرن لا يخضع لفترة تجربة، كما نصت على ذلك الفقرة (6) من ثانياً من اللائحة التنفيذية للمادة (220).

 

عاشرًا: صرف الأجور وتنظيم ساعات العمل

نصت الفقرتان (9) و(10) من اللائحة التنفيذية للمادة (220) على ما يلي:

يتم احتساب أجر العامل على أساس أجر الساعة.

تُصرف الأجور شهريًا، أو وفق اتفاق الطرفين.

لا يجوز أن يتجاوز عدد ساعات العمل لدى صاحب عمل واحد عن 95 ساعة شهريًا.

ويمكّن هذا النظام العامل من العمل لدى أكثر من جهة في ذات الوقت.

 

الحادي عشر: المحكمة المختصة بالنظر في المنازعات

تختص المحاكم العمالية بالنظر في المنازعات التي تنشأ عن عقد العمل المرن، وذلك بموجب:

المادة (34) من نظام المرافعات الشرعية التي نصت على:

“تختص المحاكم العمالية بالنظر في المنازعات المتعلقة بعقود العمل والأجور والحقوق وإصابات العمل والتعويض عنها”.

وثالثاً من اللائحة التنفيذية للمادة (220) التي نصت على:

“تختص المحاكم العمالية بالنظر في الخلافات التي قد تنشأ عن عقد العمل لبعض الوقت وعقد العمل المرن”.

 

يشكّل عقد العمل المرن أحد الأدوات القانونية المبتكرة التي تبنتها المملكة العربية السعودية لمواجهة التحديات المرتبطة بالبطالة وتعزيز مرونة سوق العمل، مع ضمان تنظيم العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل بشكل قانوني وواضح.

ورغم أن هذا النموذج التعاقدي لا يشمل بعض المزايا التقليدية كالإجازات مدفوعة الأجر أو مكافأة نهاية الخدمة، إلا أنه يتيح للعامل فرص عمل متعددة بمرونة زمنية، ويمنح أصحاب الأعمال مرونة في إدارة الموارد البشرية، بما يخدم تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في رفع معدلات التوطين وتحفيز مشاركة القوى العاملة الوطنية.