رائد السمي

خطوات تقديم البلاغ الجنائي والمدني: قراءة نظامية مختصرة

خطوات تقديم البلاغ الجنائي والمدني: قراءة نظامية مختصرة

خطوات تقديم البلاغ الجنائي والمدني: قراءة نظامية مختصرة
خطوات تقديم البلاغ الجنائي والمدني: قراءة نظامية مختصرة
خطوات تقديم البلاغ الجنائي والمدني: قراءة نظامية مختصرة

يُعد تقديم البلاغ – سواءً كان جنائيًا أو مدنيًا – الخطوة الإجرائية الأولى في مسار التقاضي، ويهدف إلى حماية الحق أو المطالبة به، سواء تعلق بمصلحة عامة أو خاصة. ومع تنوع الأنظمة الإجرائية، يصبح من الضروري التمييز بين نوعي البلاغات وفهم الإجراءات النظامية المصاحبة لها، لضمان سلامة التقاضي وحماية الحقوق.

 

أولًا: التمييز بين البلاغ الجنائي والبلاغ المدني

البلاغ الجنائي:
يُقدم إلى الجهات المختصة (الشرطة أو النيابة العامة) لإبلاغ عن ارتكاب جريمة تمس النظام العام. ويؤدي إلى تحريك الدعوى الجزائية العامة. ويشترط لتحريكه توافر أركان الجريمة المقررة نظامًا.

البلاغ المدني:
يتمثل في تقديم صحيفة دعوى أمام المحكمة المختصة، للمطالبة بحق خاص ناتج عن إخلال تعاقدي أو ضرر مالي أو معنوي. ويُرفع إلكترونيًا عبر بوابة “ناجز” استنادًا إلى المادة (13) من نظام المرافعات الشرعية.

 

ثانيًا: الجهات المختصة باستقبال البلاغات الجنائية

وفقًا لنظام الإجراءات الجزائية، يتم تقديم البلاغ الجنائي إلى إحدى الجهات التالية:

مراكز الشرطة: الجهة الأساسية لتلقي البلاغات في الجرائم العامة.

النيابة العامة: تختص بالتحقيق وتحريك الدعوى العامة وإعداد لوائح الادعاء.

مركز 911: في بعض المناطق، يستقبل البلاغات العاجلة ذات الطابع الأمني.

جهات متخصصة: مثل مكافحة المخدرات، هيئة حقوق الإنسان، وهيئة الاتصالات، كلٌ حسب نوع الجريمة.

وقد نصت المادة (15) من اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية على وجوب قبول رجال الضبط الجنائي البلاغات والشكاوى كافة، وإحالتها للجهة المختصة حتى إن لم تكن داخلة ضمن نطاق اختصاصهم المباشر.

 

ثالثًا: وسائل تقديم البلاغ الجنائي

يمكن تقديم البلاغ عبر الوسائل التالية:

الحضور الشخصي إلى مراكز الشرطة.

الاتصال على الرقم الموحد (911).

المنصات الرقمية: “أبشر”، “كلنا أمن”، أو عبر تقديم شكوى للنيابة العامة.

 

رابعًا: اختصاص النيابة العامة

تختص النيابة العامة – وفقًا للمادة (3) من نظامها – بالتحقيق، وتحريك الدعوى، والادعاء أمام الجهات القضائية، والإشراف على تنفيذ الأحكام، والرقابة على أماكن التوقيف.

وقد أُسند إليها التحقيق في عدد من الجرائم بقرارات من مجلس الوزراء، تأكيدًا لدورها المركزي في العدالة الجنائية.

 

خامسًا: حفظ الدعوى vs حفظ الأوراق

حفظ الدعوى: يصدر بعد مباشرة إجراءات التحقيق، ويُعد قرارًا إداريًا يجوز الاعتراض عليه.

حفظ الأوراق: يتم قبل بدء التحقيق، ويُعد تصرفًا إداريًا لا يُشكل قرارًا قابلاً للطعن.

كما أوضح ذلك الدكتور بندر العتيبي، بأن حفظ الأوراق لا يُعد من أعمال التحقيق بل تصرفًا سابقًا عليه.

 

سادسًا: تقديم البلاغ المدني (رفع الدعوى)

لا يُسمى الإجراء في القضايا المدنية “بلاغًا”، بل “صحيفة دعوى”، تُقدّم عبر “ناجز” إلكترونيًا.
خطوات التقديم:

الدخول إلى بوابة ناجز.

تعبئة صحيفة الدعوى.

إرفاق المستندات المؤيدة.

تحديد نوع القضية والاختصاص المكاني.

قيد الدعوى وتحديد موعد الجلسة.

تبليغ الخصم وفق الوسائل النظامية.

وتسري على الدعوى أحكام المواد المنظمة للتبليغ، الشطب، والحضور والغياب، مثل المادتين (55) و**(57)** من نظام المرافعات الشرعية.

 

سابعًا: الدفع بعدم الاختصاص

في حال رفع البلاغ إلى جهة غير مختصة، يحق للمدعى عليه الدفع بعدم الاختصاص، استنادًا إلى المادة (76) من نظام المرافعات.
كما يجوز للجهات الإدارية (كالشرطة أو النيابة) إحالة البلاغ مباشرة إلى الجهة المختصة دون الحاجة إلى طعن.

 

ثامنًا: توصيات نظامية ومهنية

من واقع الخبرة العملية، يُوصى بما يلي:

تحديد نوع البلاغ بدقة (جنائي أو مدني) قبل مباشرة الإجراءات.

معرفة الاختصاص المكاني والنوعي من خلال مراجعة الأنظمة أو استخدام أدوات إلكترونية مثل الربط التلقائي مع العنوان الوطني في “ناجز”.

الاستفادة من التطور الرقمي عبر “أبشر” و”كلنا أمن” لتقديم البلاغات الجنائية بكفاءة.

التحقق من المستندات المطلوبة لكل نوع من أنواع البلاغات لضمان قبولها واستيفاء متطلباتها النظامية.

 

إن فهم الإجراءات النظامية لتقديم البلاغ – سواء أكان جنائيًا أو مدنيًا – يمثل الخطوة الجوهرية الأولى لضمان استرداد الحق أو حفظ النظام. وأي خطأ في هذه الخطوة قد يؤدي إلى ضياع الوقت أو الحق. ومع تطور الأنظمة الإلكترونية وتكامل الجهات القضائية، أصبح بإمكان كل ذي مصلحة معرفة الجهة المختصة والآلية الصحيحة للتقديم، بما يحقق العدالة الناجزة ويحفظ الحقوق العامة والخاصة ضمن إطار نظامي منضبط.