رائد السمي

التخبيب

التخبيب

التخبيب
التخبيب
التخبيب

التخبيب

يعد التخبيب من الجرائم الخطيرة التي تهدد كيان الأسرة واستقرار المجتمع، إذ يؤدي إلى زعزعة العلاقة الزوجية وتشتيت العائلات. ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح التخبيب أكثر سهولة، حيث يمارس المخبب أفعاله بسرية تامة، مستخدمًا أسماء وهمية، غافلًا عن مراقبة الله له في السر والعلن، قال تعالى:

{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (البقرة: 102).

ويعتبر التخبيب من أعمال الشيطان؛ إذ يسعى إلى زرع العداوة والبغضاء بين الزوجين وإفساد العلاقة بينهما.

 

أولاً: تعريف التخبيب

التخبيب هو:
قيام شخص بإفساد العلاقة بين الزوجين أو بين أي طرفين تجمعهما علاقة (زوجية، صداقة، قرابة) من خلال الخداع، الحيل، الكذب، نقل الكلام، أو الإشاعات بهدف تفكيك العلاقة بينهما.

 

ثانياً: أنواع التخبيب

التخبيب بالقول

يكون من خلال الكلام الذي يؤدي إلى إفساد العلاقة، مثل إشعال الخلافات بين الزوجين، نقل كلام كاذب بين الأطراف بقصد الانفصال.

التخبيب بالفعل

مثل:

نقل تصرفات أو أفعال للطرف الآخر تؤدي لفقدان الثقة.

تعديل رسائل أو تسجيلات بهدف التحريض.

التجسس أو وضع خطط لإفساد العلاقة.

التخبيب بالإيحاء

يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر معلومات كاذبة أو محتوى يزرع الشك ويشجع على الانفصال.

التخبيب المباشر وغير المباشر

مباشر: كأن تشتكي الزوجة لصديقتها فتنصحها الأخيرة بالانفصال بغرض التفريق.

غير مباشر: نشر قصص ومحتوى عام على وسائل التواصل بقصد إقناع الطرف المتلقي بالانفصال دون معرفة مباشرة بين المخبب والمخبب به.

 

ثالثاً: شروط رفع دعوى التخبيب

شروط رفع الدعوى من المدعي:

أن يكون المدعي هو المتضرر شخصيًا من فعل التخبيب.

أن يكون فعل التخبيب سابقًا للطلاق، فلا تُقبل الدعوى إذا وقع التخبيب بعد الانفصال.

يجب إثبات عدم وجود مبرر مشروع للتواصل بين المخبب والمخبب به.

شروط رفع الدعوى على المدعى عليه:

أن يكون الفعل صادرًا عنه شخصيًا بنيّة الإفساد.

في حال وجود أكثر من مخبب، ترفع الدعوى على كل منهم منفصلًا.

إذا كان شخص آخر مجرد مساعد، فيعد شريكًا لا مخببًا رئيسيًا.

 

رابعاً: أركان جريمة التخبيب

الركن المادي:

يتمثل في الأفعال التي يقوم بها المخبب مثل:

الوعد بالزواج بعد الطلاق.

التحريض على الانفصال.

نقل الإشاعات والأكاذيب.

الركن المعنوي:

نية المخبب السيئة في إفساد العلاقة.

يجب أن يكون التخبيب بدون ابتزاز أو تهديد مادي أو معنوي.

يشترط علم المخبب بوجود علاقة زوجية، وإلا فلا تقوم الجريمة ولا العقوبة.

 

خامساً: إثبات جريمة التخبيب

اعتراف المخبب بأفعاله.

وسائل الإثبات الحديثة مثل:

الرسائل النصية.

التسجيلات الصوتية.

المحادثات الإلكترونية.

الصور والوثائق.

شهادة الشهود.

 

سادساً: عقوبة جريمة التخبيب في النظام السعودي

لا يوجد نص صريح في النظام السعودي يحدد عقوبة خاصة لجريمة التخبيب، لكن يعاقب القاضي بعقوبة تعزيرية يحددها وفق الدعوى، وقد تشمل:

السجن.

الجلد.

أو كليهما.

في حال استخدام الوسائل الإلكترونية:

تطبق العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية:

السجن لمدة لا تزيد على سنة.

غرامة لا تزيد على 500,000 ريال.

أو إحدى هاتين العقوبتين.

وذلك في حال:

التنصت أو اعتراض الرسائل دون مبرر نظامي.

الدخول غير المشروع للمواقع أو تغيير محتواها.

المساس بالحياة الخاصة للآخرين أو التشهير بهم عبر وسائل التقنية.

وقد يشدد القاضي العقوبة إذا ترتب على التخبيب انفصال الزوجين أو تدمير العلاقة.

 

إن العلاقة الزوجية يجب أن تبنى على الصراحة، الثقة، والاحترام المتبادل، والابتعاد عن الكذب والخداع، والحذر من الأشخاص الذين يسعون لإفساد هذه العلاقة تحت أي ذريعة.
ويجب على الأفراد أن يحذروا من الكلام الذي قد يفتح بابًا للمخبب للتدخل في حياتهم، فالتخبيب جريمة أخلاقية خطيرة تشبه الغيبة والنميمة لما فيها من فساد للمجتمع.

لذا ينبغي التصدي لهذه الجريمة، والعمل على تعزيز قيم الأمانة واحترام خصوصيات الآخرين، لما لذلك من أثر في حماية الأسر والمجتمع من التفكك والضياع.