رائد السمي

أثر تخلف الإنذار أو التظلم على القبول القضائي: قراءة تحليلية

أثر تخلف الإنذار أو التظلم على القبول القضائي: قراءة تحليلية

أثر تخلف الإنذار أو التظلم على القبول القضائي: قراءة تحليلية
أثر تخلف الإنذار أو التظلم على القبول القضائي: قراءة تحليلية
أثر تخلف الإنذار أو التظلم على القبول القضائي: قراءة تحليلية

أثر تخلف الإنذار أو التظلم على القبول القضائي: قراءة تحليلية

 

العدالة لا تتحقق فقط بالحكم القضائي، بل تبدأ بإزالة المظلمة بوسائل سلمية قبل اللجوء إلى القضاء.
منذ العصور القديمة، لجأت المجتمعات إلى الوساطة والصلح لتسوية النزاعات قبل اللجوء إلى الأحكام القسرية، واستمرت هذه المبادئ حتى عصرنا الحالي من خلال اعتماد التفاوض والوساطة والإنذار والتظلم كآليات تحفظ الحقوق وتحد من الدعاوى الكيدية، مع منح الخصم فرصة أخيرة لمعالجة الإخلال قبل رفع الدعوى.

المبحث الأول: الإنذار وأثر تخلفه قبل الدعوى

تعريف الإنذار:

هو إخطار رسمي يوجه للطرف الآخر يطالبه بتنفيذ التزام أو إصلاح إخلال مع التنبيه إلى اللجوء للقضاء أو فسخ العقد أو المطالبة بالتعويض عند التقاعس.

 وظائف الإنذار:

اختبار حسن النية قبل الخصومة.

دليل ملموس على وجود إخلال حقيقي.

وسيلة لضبط العلاقات والعقود.

قطع الأعذار المحتملة للمدعى عليه.

 الأثر النظامي للإنذار:

الإنذار يحدد بدء سريان الأجل القانوني.

في النظام السعودي، ورد في اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية المادة (2/80) أنه:

“إذا كانت الدعوى تتطلب سبق توجيه مطالبة أو إعذار فيعد عدم حصول ذلك من قبيل سبق الأوان.”

يظهر الإنذار بصيغ متعددة مثل:

الإشعار

الاحتجاج (كما في المادة 53 من نظام الأوراق التجارية)

سبق المطالبة (كما في المادة 77 من نظام العمل)

الإنذار التنفيذي (كما في المادة 34 من نظام التنفيذ).

 وقفة فلسفية:

في العلاقات التجارية، يُعد الإنذار أداة ضرورية لضبط التعاملات ومنع التعسف في المطالبة القضائية بما يحمي الثقة الائتمانية ويمنع الأزمات الاقتصادية.

 أثر تخلف الإنذار:

الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً.

رفض طلبات الفسخ أو التعويض أو التنفيذ.

فقد المدعي القدرة على إثبات سوء نية المدعى عليه.

ضياع الفرصة في تقديم طلبات إضافية مرتبطة بالإنذار.

 

المبحث الثاني: التظلم وأثر تخلفه قبل الدعوى

 تعريف التظلم:

هو اعتراض رسمي يقدمه المتضرر إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار، يطلب فيه سحب القرار أو تعديله قبل اللجوء إلى القضاء.

 فلسفة التظلم:

جاء التظلم:

كأداة لضمان شرعية القرارات الإدارية.

وسيلة للفرد للاعتراض قبل رفع الدعوى ضد الدولة.

مظهر للدولة القانونية مقابل الدولة البوليسية.

 الأثر النظامي للتظلم في النظام السعودي:

المادة 13 من نظام ديوان المظالم:

“لا تُقبل الدعوى المتعلقة بالقرارات الإدارية إلا بعد التظلم للجهة مصدرة القرار خلال 60 يومًا.”

المادة 220 من اللائحة التنفيذية لنظام العمل:

إحالة النزاعات العمالية للتسوية الودية قبل القضاء.

المادة 66 من نظام الزكاة والضريبة والجمارك:

إمكانية الاعتراض خلال 30 يومًا على القرارات الصادرة.

 أثر تخلف التظلم:

رفض الدعوى شكلاً لعدم استيفاء شرط التظلم.

سقوط الحق الزمني بسبب تجاوز المدة النظامية.

إضعاف مركز المدعي القانوني أمام القضاء.

إمكانية استمرار القرار الإداري الباطل نتيجة عدم الاعتراض عليه.

 

الإنذار والتظلم ليسا مجرد إجراءات شكلية سابقة على الدعوى، بل هما وسائل عدالة وقائية تمنع الاندفاع غير المنضبط نحو الخصومة، وتحافظ على النظام القضائي.
إن اشتراطهما في النظام السعودي يعكس التدرج في حل النزاعات وحماية الأطراف، ويجسد مبدأ “من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه”، ليبقى القضاء مرحلة أخيرة بعد استنفاد فرص التسوية الودية والوسائل القانونية الممهدة للخصومة القضائية.